ذكرياتي .. مع العاملات !!
منذ أيامي الأولى في حياتي الزوجية .. لا أعرف لماذا استعنت بإحدى العاملات .. ويبدو ذلك بغرض المساعدة في مهام المنزل .. رغم أنه لم يكن لدي حينها طفلٌ صغير يحتاج مني العناية والإهتمام .. وكانت تلك العاملة من الجنسية الإثيوبية .. وعلى قدر عالي من النظافة والإتيكيت .. وبالفعل فقد كانت مصدر راحة لي كبير ومهم جداً .. لكوني كنت منهمكة في مهام عملي بجامعة الملك عبدالعزيز ..
ولكن دوام الحال من المحال .. فلم يستمر وجودها معي .. حين تركت العمل وأنا في أمس الحاجة لها .. خاصةً بعد أن رزقني الله بطفلي الأول .. لذا استعنت بعدها بعاملة أخرى .. لم تدم طويلاً .. لكونها بدأت عندي حين قررت ترك شقتي الأولى .. شقة الزوجية .. إلى تلك التي تقع في الدور الرابع .. ولم يكن في العمارة مصعد .. وحينما شاهدت ذلك والعناء الذي كان ينتظرها من ترتيب جديد .. وتعب وعمل غير مفيد .. قررت ترك العمل دون رجعة ..
أكملت ترتيب شقتنا والإهتمام بطفلنا لوحدي .. مع استمرار ذهابي بالطبع إلى عملي بالجامعة .. وخلال ذلك تم عمل كل الإجراءات لإستقدام عاملة منزلية من اندونيسيا .. وأيضاً خلال انتظارنا لوصولها .. انتقلنا إلى شقة جديدة كانت كسكن مقدم من الجامعة .. وكانت شقة واسعة جداً ومريحة كذلك .. وعاشت معي تلك العاملة أحلى سنتين من عمري .. نظافة وترتيب وطبخ وإتقان .. وكل ما أريد أجده جاهزاً في ثوان ..
مرت تلك السنتين سريعاً .. وقرب نهايتها انتقلنا إلى سكن أعضاء هيئة التدريس بالجامعة .. وكنت حينها لا زلت على درجة محاضر .. ورفضت تلك العاملة المتميزة أن تمدد فترة إقامتها أبداً .. وقد سافرت بمجرد أن أنتهت مدتها .. وأنا كنت جداً حزينة لسفرها .. وذلك لروعة تعاملها وعملها .. وأدبها وإسلامها ولطافتها .. وطمأنتني أنها ستعود لي إذا وافق لها زوجها بالعودة .. لكنها للأسف لم تعد ..
تتابعوا علي العاملات في تلك الشقة بذلك السكن الجامعي .. منهن العاديات جداً .. ومنهن الرائعات بحق .. وأذكر من العاديات .. تلك التي كان كل همها المطبخ وما تعد من أطباق .. دون أي اهتمام واضح بنظافة المنزل .. حقيقي لقد أزعجتني دون أن يحدث لها تحسن في آداء عملها .. لذا قبل أن تنتهي مدة إقامتها .. رحلتها إلى عائلتها في بلدها الذي قدمت منه .. وأبدلني الله بأخرى من جنسية مختلفة .. وقد كانت بالفعل مختلفة ..
كانت حديثة عهد بالإسلام حديثة .. وممن حسن إسلامها بحق .. دؤوبة صامتة وصبورة .. أمضت لدينا سنتين مرت سريعاً .. كانت مريحة جداً .. عرفت منَـا ما نريد .. فأبدعت أكثر مما نريد .. وفي رمضان كانت تسبقني إلى المسجد .. ذلك الذي كان بجانب شقتنا تلك .. وتختار الصف الأول .. وبعد أن تنهي صلاتها ومهامها .. لا تبارح مصحفها .. هذه العاملة لا زالت تربطني بها علاقة مستمرة .. فهي من المؤلفة قلوبهم .. ويجب أن نعتني بهم كمسلمين ..
بعدها لم أجد عاملة متميزة كتلك التي كانت عندي .. وكانت محور مقارنة مهم لكل من يأتي بعدها .. حتى أنس سافرت بنفسي لكي أحضر العاملة معي .. ورتبت كل شيء في بلدها وبالفعل تم لي ما أريد .. حقيقةً لم تكن سيئة .. مبدعة في المطبخ كثيراً وفي الترتيب والتنظيف لابأس بها .. ثم بعد مدة طلبت إحضار زوجها كسائق .. وقد لبينا طلبها ذاك .. وليتنا لم نفعل .. لأن وجوده أجبرنا على الاستغناء عنهم جميعاً ..
وبعد أن انتقلنا من شقتنا تلك إلى منزلنا الخاص .. تناوبوا علي عاملات المنزل .. وأنا دائماً في حالة مقارنة بين تلك الرائعة .. وبين حظي معهن جميعاً .. ويكون لذلك الفرق الذي أجده بينهن وبينها .. أن تنهال لها الدعوات بأن يجزاها عني وعن عائلتي خير الجزاء .. ولا زالت معاناة العاملات مستمرة .. ونحن في حالة انتظار الفرج .. وأن يكون حظنا مع كل جديدة أفضل من تلك سابقتها .. ومع اختلاف استقدام معظم الجنسيات .. فإنه لازالت مستمرة مشكلة العاملات ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق