5/10/2023

وحيدتي .. وهي الأولى !!

وحيدتي .. وهي الأولى !! 

 

نعم إنها الوحيـدة الفـريدة .. وهي في حياتي الأولى .. دون أن ينزعج مني أخوانها ووالدها .. لكونهم يعطونها نفس المنزلة وذات التميز .. هي في حياتـنا شخصٌ مهم .. ونحن بحيـاتها كل الأهم .. وحينما رزقني الله بها .. تزينت حياتـي بوجودها .. وحين لم يرزقـني بغيرها من البنات .. أصبحت هي عنـدي كل الحياة .. وحين أسميتها  " مُـنى " .. أصبحت لـي منـذ ولادتها وحتى وقـتنا الحالي .. كل المُنى .. 



وبالفعل هي كل المُـنـى .. فللحديث معها متعة .. وللخروج معها روعـة .. وللسفر معها فائـدة .. وللقهوة معها مـزاج .. ولكل مشكلة انفـراج .. وحين رزقتُ بها حمدتُ ربي على ذلك .. وبعد أن ترعرت في أحضـاني .. أخذت مني كل حنـاني .. كانت الأبنة الدلوعة .. لكونها الوحيدة بين أخوتها .. فلم أرزق بأختٍ لها رغم كل المحاولات .. ولذلك عند الله حكمة .. كي تكون هي الفريدة .. والمتميزة الوحيدة .. وقد كنت لها ولازلت الأم والأخت والحبيبة .. وهي دوماً لدي جداً قريبة .. 



كبرت ابنتي .. وكبر حبها معها .. أخذت الحيز الأكبر من الدلع والإهتمام .. ليس مني فقط .. بل كل من في البيت .. أخوتها ووالدها أشبعوها حباً ولا زالوا .. فهي لأبيها المستشارة المتميزة .. وهي لأخوتها المستمع الحريص .. تحبهم أكثر وتعطيهم الأكثر .. تهتم لإهتماماتهم .. وتشارك مناسباتهم .. تفرح لفرحهم وتتكدر لزعلهم .. تحبهم جميعاً دون تحيزٍ لأحد .. وهي المفضلة عندهم عن كل أحد ..



 كبرت صغيرتي .. ونالت شهادة الثانوية العامة بتقدير ممتاز .. يؤهلها لدخول كلية الطب .. لكنه لم يكن طموحها .. رغم تشجيعي لها .. إنها عكسي تماماً فهي تكره الأحياء .. بل تحب الأرقام .. لذا فضلت تخصص الإحصاء .. لم أمانعها بالطبع .. فهي ستبدع لا محاله فيما تريده في مستقبل أيامها .. قضت سنواتها المعدودة في هذا التخصص .. لتتخرج منه بتقدير امتياز .. مما أهلها لتكون معيدة في ذات القسم .. وبجدارة وترشيح من رئيسة القسم .. 



كبرت صغيرتي .. وأصبحت زميلتي .. في ذات الكلية رغم اختلاف التخصص .. أبدعت في تدريسها وذاع صيتها .. وأوكلت لها المهام فكانت مؤديةً لها بإتقان .. تاركة أجمل ذكرى في المكان .. حين تم ابتعاثها للدراسات العليا إلى الولايات المتحدة الأمريكية .. فكانت أولى محطاتها في ولاية كاليفورنيا .. وبالذات في مدينة بيركلي .. وهناك درست اللغة وأتـقـنـتها .. وخاطبت الجامعات باحثةً عن القبول لدراسة الماجستير في هذا التخصص .. الذي يعتبر من التخصصات الصعبة .. 



نالت القبول من جامعة أوهايو .. فغيرت مكان سكنها .. مما اضطر لنقل كل محتويات شقتها المجهزة من كل شيء .. إلى شقة أخرى في ولايتها الجديدة .. واستقرت في تلك الشقة من ذلك المبنى .. الذي يبعد عن جامعتها مسافةً ليست بالبسيطة .. مما اضطرها لتعلم قيادة السيارة .. وقد كان لها بتوفيق الله ما أرادت .. حين أرادت .. كما أنها نالت درجة الماجستير في مدة لم تتعدى السنتين .. وقد تزيد قليلاً .. وأنا معها في كل حين مُشجعة وفرحةً وفخوره .. 


 

بحثت بعدها عن القبول لدراسة الدكتوراه .. وجاءها من أكثر من جامعة .. فاختارات جامعة ولاية  فلوريدا .. وقد اختارت مجمع سكني يمتاز بالحماية العالية .. وبدأت مشوارها البحثي وموادها الدراسية المكثفة .. حتى نالت ما آرادت وأكثر .. حيث تكلل إنجازها من الإبتعاث .. بحصولها على درجتي ماجستير ودرجة دكتوراه في ثلاثة أفرع من علم الإحصاء ..



وفي هذا العام عشت ليلة جميلة .. مُبهجة وسعيدة .. حين رأيت صغيرتي وهي تسير فخورة بإنجازها في ذلك الحفل البهيج .. لتستلم شهادة الدكتوراه في حفل تخرج كبير جداً .. وجمعٌ غفير وشعورٌ مثير كان يلازمني .. فصغيرتي كبرت .. وابنتي ولله الحمد أنجزت .. مشاعري مُختلطة .. وإحساسي حقيقةً يصعب وصفه .. في ليلة مثيرةٌ جداً أقل ما يُقال عنها ..



بعدها بدأنا الترتيب لتسليم الشقة والعودة إلى أرض الوطن .. كانت مهمة مُبهجة ومُزعجة .. مُبهجة لكونها مُكللةٌ بالنجاح والتفوق .. فالدرجة الممنوحة لابنتي ليست بالشيء السهل .. والتخصص ليس باليسير .. لذا كان شعوري لإنجازها جداً غير .. ومُزعجة لكوني كنت أرى إحساس ابنتي أمامي مُـتجسد .. فقد ألفت المكان كثيراً .. ويصعب عليها تركه هكذا ..



لقد تجولت في كل ركن ألفته .. وزارت كل مكان اعتادته .. ونحن نرقبها متأملين تصرفها .. ومدركين شعورها .. وكنا وأياها في كل حين .. نحمد الله أن تم لها ما أردنا جميعنا .. ثم بادرنا بتسليم تلك الشقة المريحة لمالكيها .. وسرنا بسيارتنا مغادرين الولاية إلى نيويورك .. ومنها إلى جدة بسلامة الله .. ولقد أكتملت فرحتنا ولله الحمد .. حين وطأت أرجلنا أرض الوطن الغالي ..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ومضات .. تؤرخ مسيرة !!

  ومضات .. تؤرخ مسيرة !!     حين كانت ساعة ذلك القرار .. القرار الذي اتخذته عن اقتناع .. والذي قد يكون تفاجأ به الجميع من الزميلات .. ألا وه...