قبل وبعد .. الجوال !!
كانت حياتنا تسير هادئة جميلة .. لكنها على وتيرة معتادة .. فكل ما نخطط له قد يحدث .. وقد يُلغى دون إنذار .. أو يؤجل بإرادتنا أو بدونها .. ودون أن يتم التخطيط لكل ذلك .. ودون أن نعلم بمستجدات الأمور التي دعت لذلك .. وقد نتكلف عـنـاء القدوم .. وعنـاء الإنتظار .. وكذلك عنـاء الإلغاء .. ورغم ذلك لم نكن نتذمر لما يحدث .. لكوننا اعتدنا حياتنا تلك بكل ما فيها .. وكانت هذه إحدى منغصات حياتنا الماضية .. وغيرها الكثير لاشك ..
وحين جاءنا الخبر بوصول أجهزة تليفونية يدوية .. تدعى موبايل وتعني الجوال .. استغربنا ذلك كثيراً .. كيف ذلك !! .. وهل من المعقول أن توجد مثل هذه الأجهزة .. والتي تحقق مثل هذه الخدمة .. وكانت قد سبقتها بفترة ليست بالطويلة .. ظهور أجهزة البيجر .. وهو جهاز بسيط جداً .. كمنبه الساعة يعطي جرس وتنبيه معين .. يوضح الحدث المتوقع حدوثه .. ولكون زوجي كان يعمل حينها في هيئة الإتصالات .. لذا أتوقع أني كنت أول من حمل هذا الجهاز بين الزميلات ..
نعم كنت أشعر بالخجل لحمله لكوني متفردة فيه .. وكنت حقيقةً أخبي ذلك الجهاز الصغير .. خوفاً من السؤال عنه ومن إحساس التباهي به حينها .. رغم أنه قد أفادني كثيراً كثيرا .. خاصةً عند الخروج من رحاب الجامعة .. واللحاق بسيارة زوجي .. التي تنتظرني خارج أسوار جامعة الملك عبدالعزيز .. حين كان يهتز ذلك الجهاز أو يطلق رنته المعتادة .. مذكرةً لي بالحدث الذي أوشك حدوثه ..
كانت ثورة الإتصالات الإلكترونية على أشدها حينها ولا زالت .. والتطور فيها جداً سريع وملفت ومبهر .. فبعد البيجر بمدة ليست بالطويلة .. ظهر أول جوال يدوي بسيط .. وحينها اقـتـنـيـت جهاز موتورولا .. ذلك الجهاز كبير الحجم ثقيل الوزن محدود الخدمات .. وكنا حينها من الأوائل أيضاً .. وقد تساءل البعض لماذا وماهي الحاجة له .. وأن ذلك من باب الفشخره ليس إلا !! .. وكنت حينها لا ألتفت لكلام الآخرين .. فأنا قد لمست فائدته وعلمت بمدى حاجتي له ..
ولم تطل مدة استخدامي للموتورلا .. حيث اقتنيت بعده جهاز إريكسون .. ذلك الجهاز المميز بضخامة حجمه .. وبعدها وعندما طرحت شركة نوكيا جهازها الأول .. أيضاَ لم أتردد في شرائه .. وكل ذلك لكون زوجي يعمل في الإتصالات السعودية .. فعندهم دائماً كل جديد .. ونحن لا شك نبحث عن التجديد ..
لم تطل هذه المعاناة كثيراً .. وأذكر في أول سنة لي في دراستي لمرحلة الدكتوراه .. طرحت شركة أبل أول جهاز آيفون لها .. ونزل في الأسواق بسعر خيالي .. وبالحجز الأول للأسماء .. لكون العدد الموجود منها محدود جداً .. وعندها أيضاً غامرنا بمبلغ خيالي .. لحجز جهازين آيفون وبأرقام مميزة .. وكانت خدماته عديدة وفوائده لا حصر لها .. رغم ضعف الشبكة حينها في معظم مناطق مملكتنا الحبيبة ..
نعم لقد أستفدت منه كثيراً .. خاصةً حين كنت على تواصل مع مشرفي لدراسة الدكتوراه بروف عبدالإله باناجه يرحمه الله .. في رحلتي الأولى لتجميع القواقع من منطقة الرهاط .. رغم أنه كان ينقطع التواصل بيننا لضعف الشبكة حينها .. ورغم ذلك كنت سعيدة جداً بهذه الخدمة الذكية في التواصل بين الأشخاص .. والملفت أن رقم جوالي كان مماثلاً تماماً .. لرقم جوال مشرفي ماعدا الإختلاف في الرقم الأخير .. وهذا يعني أنه تقدم بطلبه عليه رحمة الله .. في ذات الفترة التي طلبت فيها أنا جهاز آيفون ..
بعد ذلك ظهرت المنافسة الشديدة بين شركات التقنية الذكية في مجال الإتصالات .. فتعددت الهواتف وتباينت مميزاتها .. وزادت خدماتها .. وانتشرت انتشاراً سريعاً .. انتشار النار في الخشب .. خاصةً عندما أصبحت كل العائلة .. تحتاج هذه الهواتف في حياتها .. بل وأصبحت ضرورة من ضروريات الحياة ..
لاشك فنحن نحتاجها وبشدة .. فهي تمنحنا ميزة التواصل مع جميع الأشخاص حول أطراف العالم .. شرقاً وغرباً شمالاً وجنوبا .. كما أنها توفر لنا فرصة الإطلاع على كل ما يحدث في شتى بقاع الأرض وعلى مدار الساعة .. ومن الناحية الإنسانية فإنها تخدم هؤلاء الأشخاص .. الذين يخشون مقابلة الآخرين لإحساسهم بالخجل .. فهي تعينهم على التواصل بأي وسيلة أخرى غير اللقاء .. رغم أنني شخصياً أكتفي من هذه التقنية .. فقط بما يجعلني متواصلة فاعلة ومنجزة بارزة .. وغير ذلك من خدمات لا تلفـتـني كثيراً ..
ومع هذا التطور الرهيب المفيد الذي نعيشه .. نرى أيضاً أنها وفرت لنا شيء من المرح والبهجة والسعادة والخصوصية المطلوبة .. كما أنها أصبحت الآن إحدى طرق التدريس المعتمدة في جميع المراحل الدراسية .. وتطبيقات هذه التقنية عديدة جداً ويصعب حصرها .. ونحمد الله كثيراً من قبل ومن بعد ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق