تقاعد مبكر .. هو القرار !!
منذ سنواتٍ مضت .. سنواتٌ كانت زاخرة بالجهد والإنجاز .. مليئةٌ بالأحداث الجميلة .. زاخرةٌ بالنتائج المفرحة .. حين كنت إحدى منسوبات قسم علوم الأحياء .. أحد أقسام كلية العلوم بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة .. نعم كانت سنوات مضيئة في حياتي ولله الحمد .. تدرجت فيها منذ أن تم تعييني كمعيدة في قسمي الحبيب .. حتى أن وصلت لأخذ هذا القرار .. قرار التقاعد المبكر .. والذي كنت أراه صائباً ولا زلت .. وإني أحمد الله على ذلك كثيراً وفي كل حين ..
فبعد أن مارست مهامي في قسمي كمعيدة .. ومن ثم التحاقي في برنامج الماجستير .. وتعييني على درجة محاضر متخصصة في علم الطفيليات .. وممارستي للتدريس النظري لمواد أولية .. ولمواد تخصصية أيضاً .. وبكفاءة عالية لمدة ليست بالقصيرة .. حتى تم فتح المجال لنا بعد سنواتٍ طويلة .. لإكمال حصولنا على درجة الدكتوراه .. كنت ممن قُـبل في الدفعة الثانية .. لبرنامج الإشراف المشترك بين جامعتين .. سعودية وبريطانية .. وبعدها تم تعييني على درجة أستاذ مساعد .. بعد ثلاث سنوات جادة من الكفاح .. لكوني تخرجت مع طالبات الدفعة الأولى لهذا البرنامج ..
وخلال أيامي الأولى كعضو هيئة تدريس في قسمي الحبيب .. وحين علمت السنوات المطلوبة .. للحصول على الترقية إلى درجة أستاذ مشارك .. ومن ثم إلى درجة أستاذ .. أخذت على نفسي عهداً .. أن لا أتكاسل عن تحقيق ذلك في المدة المطلوبة .. لذا عملت بجدٍ وعزيمة .. وسهرٍ وإصرار .. فكان لعملي في الأبحاث قيمة علمية عظيمة ..
وكنت خلالها قد توليت الإشراف على عدة طالبات .. في دراستهن لمرحلة الماجستير .. وقد كان ولله الحمد إشرافاً مميزاً ومشهوداً .. بنقاط بحثية جديدة وقوية ونتائج مشرفة .. وكنت لنتائج كل طالبة منهن ناشرة .. في مجلات علمية مرموقة .. ولإلقائها في عدة مؤتمرات مشجعة ومحفزة .. ودائماً مستعدة .. فلم أتوانى يوماً في الإشراف .. ولم أتكاسل يوماً أو أخاف .. بل كنت بالعكس أخاف من ضياع الفرص .. بل وأحرص عليها كل الحرص ..
وكانت هذه الأبحاث العلمية بالنسبة لي غير مملة .. فنقاطها البحثية غير متكرره .. بل لكل رسالة نقطة بحثية مختلفة عن سابقتها وما تليها .. وكل عملٍ منها له نمطهِ وتجاربهِ الخاصة به .. لذا كان الحماس عندي دوماً متقد .. والعطاء مختلف ومتميز .. والنتائج مبشرة ومحفزة .. والفخر بها كان رداءاً أزهو به .. في كل مشاركة محلية كانت أم عالمية .. وبها وبتعبي فيما أنجزت مع طالباتي .. حققنا ماشاءالله العالمية ..
وفي يوم أعتبره سعيد .. حين سمعت من بعيد .. أن إحدى الزميلات تنوي التقاعد المبكر .. عندها تواصلت معاها سائلة .. ولقرارها مستغربة .. وبعد حواري معها .. استنرت برأيها .. وشاورت من حولي في الأمر .. فلقيت من معظمهم التأييد .. بل والتشجيع على ذلك .. لذا لم أتردد في إتخاذ ذلك القرار .. قرار التقاعد المبكر ..
نعم .. لقد كان قراراً صائباً ولله الحمد .. كي أتفرغ نوعاً ما لنشاطي في مجال الابتكارات .. والمشاركة في معارض الاختراعات .. رغم ارتباطي مع قسمي في عقد عمل بمسمى "أستاذ غير متفرغ" .. فكنت بذلك متوازنة بين مهامي التدريسية والبحثية .. ومشاركاتي في تلك المعارض العالمية .. مستنيرة برؤيتي المستقبلية .. وداعمة تماماً بنشر سمعة وطني السعودية .. كبلد مثالي في دعم الموهبة والاختراعات العلمية ..
ولقد ساعدني هذا القرار .. على إنشاء مكتب خاص .. يُسهم في تفعيل المشاركات السعودية .. في جميع المعارض العالمية .. وذلك بتسهيل مشاركاتهم بعد دراسة ما لديهم .. وتطويرها وتجهيزها والمشاركة بها .. وبذلك تحقق لي ولله الحمد ما أردت في مدة بسيطة .. مما ساهم في إنتشار سمعة "مكتب حيوف" محلياً وعالمياً ..
وحين أردت أن أتفرغ لمكتبي كلياً .. وأن أنجح في تحقيق إنجازاته أيما نجاح .. قررت وبكل الحب والاقتناع أن أركز جهودي فيه .. وأن أختاره هو الأولوية .. حين كان لابد عليَ من إتخاذ القرار .. وبتقديمي لاستقالتي من قسمي الحبيب .. أنتهى تماماً تواجدي فيه .. وتفرغت كليةً لإنجاح مهامي في "مكتب حيوف" .. وقد نجحت فيه بتحقيق إنجازات جبارة .. في مدة زمنية قياسية .. وقد أستطعت ولله الحمد .. أن أحوله إلى مؤسسة سعودية .. تساعد المبتكرين وتنظم المعارض .. وتحقق المستحيل الذي قد يعجز عنه الكثير .. والحمد لله رب العالمين ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق