12/01/2022

ماء الورد .. كيف ولماذا !!

 ماء الورد .. كيف ولماذا !! 



 

في زمنٍ ماضٍ بعيد .. حين كنت أعيش طفولتي في حي الرويس .. تلك الطفولة الجميلة البرئية .. في ذلك الحي الودود الجميل .. ذلك الحي الذي يراه الآخرون عادياً .. وهو حيٌ ودود كما نراه نحن .. فقد قضينا فيه عمراً .. وعشنا فيه حياةً .. ولنا فيه ذكرياتٌ لا تنسى .. وإن حاولنا .. حين كنتُ أقضي فيه ساعات النشاط من يومي .. بسعادة .. وساعات هدوئي بإرتياح .. وحين يحين الصباح .. أستيقظ بكل نشاط .. لمزاولة مهامي الموكلة إليَ .. من دراسةٍ وعمل .. دون كللٍ أو ملل .. وحياةٍ كلها أمل .. 



وحين كنا أيامها .. نقضي نهارنا بين الدراسة الجادة .. ومساعدة الوالدة عليها رحمة الله في أعمال المنزل .. أما في الإجازة الصيفية .. فنتفرغ لأعمال البيت بالكلية .. فهناك التنظيف والترتيب .. وهناك الطبخ والغسيل .. وهناك الكي والتطبيق .. وهناك وهناك .. ما تبتكره والدتي عليها رحمة الله .. بالذات في أشغالها اليدوية .. والتي أتقنت بعضاً منها .. المهم أن أيامنا كانت مليئة بين الجد واللعب .. والإستفادة من وقتنا لاشك ..



وحين كنا في حياتنا بحي الرويس .. لم نقتني تليفزيوناً سريعاً .. بل كنا نشاهده مساءً عند أحد من الجيران .. لكن كان عندنا راديو أو مذياع كما يُسمى .. وكانت والدتي عليها رحمة الله .. تعشق الاستماع إليه اثناء آداء مهامها .. وحتى بعد ذلك .. في أوقات راحتها .. وكنت أحب أن أشاركها هذه الخلوة .. وهذا الإعجاب ..



 وفي إحدى المرات .. وأنا كنت على ما أعتقد في سنتي الأخيرة من المرحلة الإبتدائية .. أو في السنة الأولى من المرحلة الإعدادية .. وحين كنت أسمع مع والدتي حواراً للفنانة صباح .. حين كنت آراها .. كما يراها الآخرون .. أنها غايةٌ في الجمال .. حيث قالت في لقائها ذاك .. أنها تداوم يومياً .. وكل صباح تحديداً .. على استخدام ماء الورد .. حيث تمسح وجهها به .. بعد أن يكون تم تنظيفه وتجفيفه .. ليكون آخر ما تضعه على وجهها .. وليجف تلقائياً .. تاركاً أثره النافع .. وريحته المميزة .. 



وبعد استماعي لذلك اللقاء الحماسي .. ولكوني أريد المحافظة على استمرار نضارة وجهي .. ولم أفكر حينها بالطبع في مستقبل الأيام .. وبعدم توارد علامات العمر .. وما قد تؤثر عليَ .. إن حان وجودها في مستقبل أيامي .. وسنوات حياتي .. حقيقةً لم أفكر حينها بكل هذه التفاصيل .. فقط أحببت أن أتقيد بالفنانة صباح .. وبما تعمله لوجهها كل صباح .. لذا أخبرت والدتي بكل عفوية .. برغبتي في شراء ماء الورد .. وعليها أن تطلب ذلك من والدي .. دون أن تخبره بمن يريده ولماذا .. وقد رضخت أمي حبيبتي لطلبي ذاك .. دون أن تستفسر ليش وعشان أيش .. !! 



وبالفعل .. لم يتردد والدي بما طلبت منه والدتي .. عليهما رحمة الله جميعاَ .. بل أحضره حبيبي بكل حبٍ واستعداد .. فرحتُ أنا بذلك كثيراً .. لكوني في ذلك العمر .. كنت أريد أن أكون جميلة كجمال الشحرورة .. وكنت أريد أن أظل صغيرة وأمورة .. !!  وبدأت من حينها بإستخدامه .. بإنتظام ..



وحين تكرر الطلب كثيراً بإحضار ماء الورد .. ضمن مستلزمات المنزل الضرورية .. أستغرب والدي يرحمه الله ذلك الأمر .. وقال لنا بالحرف الواحد مُتعجباً .. "أنتم تشربون موية الورد !!" .. بادرته أمي حبيبتي يرحمها الله .. بأسلوبها اللطيف قائلة  .. بأن " نادية تستخدمه كثير .. والله في أيش ما أدري .. المهم جيبه لها .. ولا تزعلها " .. 



وحتى والدي يرحمه الله كان عطوفاً أيضاً .. لا يرد لنا أي طلب إذا يستطيع ذلك .. وظل ماء الورد منذ ذلك الحين .. وحتى انتقالي من بيت الأسرة .. إلى بيت الزوجية .. وحتى وقتنا الحاضر هذا .. يعتبر هذا الماء من مستلزمات بيتنا الضرورية .. التي يستحيل تجاهلها بأي حالٍ من الأحوال ..

 

 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ومضات .. تؤرخ مسيرة !!

  ومضات .. تؤرخ مسيرة !!     حين كانت ساعة ذلك القرار .. القرار الذي اتخذته عن اقتناع .. والذي قد يكون تفاجأ به الجميع من الزميلات .. ألا وه...