11/24/2022

رحـلـة لـيـلـيـة .. مـرعـبـة !!

رحـلـة لـيـلـيـة .. مـرعـبـة !! 

 



 منذ زمانٍ ليس ببعيدٍ كثيراَ .. كان لثلاثتنا مغامرة ليلية مزعجة .. في سفرتنا تلك للولايات المتحدة الأمريكية .. وثلاثتنا أعني بها ابني وزوجي وأنا .. حين أردنا زيارة ابنتنا التي تدرس الدكتوراه في ولاية فلوريدا .. وحين كان أخوها أيضاً يدرس الطيران في ذاتِ الولاية ..



وحينها .. كنا قد استقلينا الطائرة من هنا .. من مدينة جدة .. وغالباً إلى ألمانيا ومطار فرانكفورت تحديداً .. ومنها في رحلة داخلية إلى مدينة ميامي في ولاية فلوريدا .. المعروفة بجمالها وكثرة سياحها .. لجمال شواطئها .. وجودة مطاعمها .. وفي المطار استقبلنا أبناءنا بكل شوقٍ كبير .. لرؤية والديهم وأخيهم .. استقلينا سيارتهم تلك .. وسرنا في ذلك المساء الجميل في شوارع تلك المدينة الجميلة ..



وفي اليوم التالي .. وهو التاسع من شهر ذي الحجة .. وبعد أن قضينا وقتاً لا بأس به في مدينة ميامي .. أخذنا طريقنا إلى مدينة أورلاندو .. لنبيت ليلتنا فيها .. بعد أن تناولنا عشاءنا في جوٍ ماطرٍ جميل .. وفي صباح أول يوم لعيد الأضحى المبارك .. لبس كلاً منَا لبسه الجديد .. وذهبنا سويةً لتناول طعام الفطور .. في ذلك المطعم المشهور .. ووقفنا قليلاً في الطابور .. حتى جاءنا الدور .. اخترنا ما أردنا أن نفطر عليه .. والصحبة الحلوة تملأني  سعادة وبهجة .. ثم خرجنا في ذلك الجو اللطيف .. سرنا بسيارتنا تلك في شوارع أورلاندو .. فنحن جميعاً نحبها .. لذا قضينا فيها بضعة أيام .. وبعدها قررنا الذهاب إلى مدينة تالاهاسي .. تلك المدينة الصغيرة الهادئة .. التي تقيم فيها ابنتي .. في حين غادر ابني إلى مدينة ستيوارت .. في ذات الولاية ..



كنت ولا زلت .. أحب السير بالسيارة في شوارع ولاية فلوريدا .. حين أحس فيها بدنو السماء العالية وسحبها الكثيفة .. وطبيعتها الخلابة المتميزة بكثافة أشجارها على الجانبين .. نعم سرنا مع ابنتنا بكل ذلك الشوق .. لرؤية منزلها الذي انتقلت إليه حديثاً .. في مدينة تالاهاسي .. تلك المدينة المتميزة بأنها مدينة دراسية بمعنى الكلمة ..



قضينا أياماً جميلة جداً مع ابنتنا في تالاهاسي .. وفي ليلة سفرنا منها .. وبعد أن ودعنا ابنتنا هناك .. وبعد أن اطمأنت أنفسنا أننا وضعنا على خريطة جوجل .. عنوان منزل ابننا في مدينة ستيوارت .. ذلك العنوان المحدد بالشارع بعينه .. ورقم المبنى ذاته .. وسرنا ثلاثتنا في هدوء ذلك الليل .. مطمئنين لما نحن عليه ..



وحين أحسسنا بحاجتنا إلى أخذ شيء من الراحة .. توقفنا لبرهة في إحدى محطات الاستراحة .. وعند طلوعنا للسيارة مرة أخرى .. كان لابد علينا أن نضع العنوان المراد الذهاب إليه من جديد .. وقد تم لنا ذلك بالفعل .. ومن ثم سرنا في ذلك الطريق .. الذي بدا لي حينها طويلاً جداً .. ومملاً جداً جداً .. وبعد جهدٍ جهيد .. وتعبٍ شديد .. وصلنا لذاتِ العنوان .. والذي بدا لنا أنه غريباً .. عندها اتصلنا على ابنتنا كي نتأكد منها .. وقد أصابتنا الدهشة .. فقد ذهبنا إلى مكانٍ آخر .. وأن ذلك ليس بالمنزل الذي نريد .. رغم تطابق المعلومات في الإسم والرقم .. وكي نتأكد مما نحن فيه .. ذهبنا إلى بوابة المجمع السكني .. وبسؤالنا لذلك الشخص الذي كان هناك .. فقد أكد لنا .. أننا في مدينة مختلفة تماماً عن التي نريدها .. ويجب علينا أن نعيد اختيار الموقع من جديد .. والتأكد من صحته ..



وقد علمنا حينها للأسف .. أن ولاية فلوريدا تعاني ليلتها .. من عدم وجود بنزين في المحطات .. فأصابنا القلق حين سرنا في ذلك الطريق الطويل .. الذي يشق الولاية من الغرب للشرق .. كان الظلام يكسوه .. فيبدو كئيباً رغم جماله .. وكان الخوف يملؤنا .. فنبدو هادئين رغم القلق .. وكان الصمت يلفنا .. فنبدو خائفين رغم هدؤنا .. وكان سكوتُ تام في السيارة .. وكأن كل واحد يتخيل مصيره .. ويحاسب نفسه على كل صغيرة .. وكان لساني لا يتوقف عن الدعاء .. وطلب الغوث من المعطي ذو الرجاء ..



حقيقةً مهما كتبت ووصفت .. لن أستطيع أن أعبر لكم عن مدى الخوف الذي كنا ثلاثتنا فيه .. فقد كانت بدون مبالغة سيارتنا هي الوحيدة التي تسير في ظلمة ذلك الليل .. مع التهديد والخوف الشديد .. من انقطاع البنزين .. ولا أثر لوجود حياةٍ أو محطات .. 



وبعد مدةٍ ليست بالبسيطة .. وقلقٍ ليس بالقليل .. رأينا بوادر نور يظهر لنا من بعيد .. حمدنا الله القوي المجيد .. أن الفرج قد حان حدوثه .. اطمأنت أنفسنا كثيراً .. وبعد أن وصلنا .. نزل ثلاثتنا مسرعين .. ولتلك المحطة سائلين .. عن وجود البنزين .. أجابنا ذلك الرجل بالأسف الشديد .. لعدم وجود البنزين لديه .. لكنه دلنا إلى محطةٍ أخرى .. راجياً أن يكون فيها ما نريد ..



سرنا والخوف يملاؤنا .. والسيارة تسألنا .. بل تلح علينا وتحذرنا .. أنها لن تتقدم خطوة .. مالم نشبع رغبتها من البنزين .. وقريباً جداً من الموقع الصحيح لمنزل ابننا .. وجدنا تلك المحطة التي تبشرنا .. بأن طلبنا موجود .. فلا داعي للقلق .. واستمتعوا بالحياة ..



وبعد أن اطمأن ثلاثتنا بسلامة وصولنا .. حين استقبلنا ابني بكل الحب والترحاب .. أخذ كل واحدٍ منا مكانه واستعداده للنوم .. فقد كان سفراً طويلاً شاقاً .. بما في هذه الكلمة من معنى ..



وفي اليوم التالي .. ذهبنا لإستكشاف مدينة ستيوارت .. كما أخذنا ابني لمدرسته الخاصة بتعليم الطيران .. وجربنا طلوع طائرة التدريب .. على المدرج فقط .. فكانت مغامرة محدودة جميلة لطيفة .. وتعرفنا على مدينته تلك الصغيرة .. ونمنا ليلتنا تلك عنده في بيته .. وفي اليوم التالي ودعناه مغادرين إلى جدة الحبيبة .. مدينة العشق والأحلام ..

 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ومضات .. تؤرخ مسيرة !!

  ومضات .. تؤرخ مسيرة !!     حين كانت ساعة ذلك القرار .. القرار الذي اتخذته عن اقتناع .. والذي قد يكون تفاجأ به الجميع من الزميلات .. ألا وه...