المالطية .. وكيف حدث هذا !!
في أيامنا تلك .. التي قضيناها في سكن أعضاء هيئة التدريس .. بجامعة الملك عبدالعزيز .. تلك الأيام التي امتازت بأحداثها الكثيرة المثيرة .. كانت هذه الحادثة أحدها .. لكنها في الحقيقة كانت مزعجة لنا كثيراً .. ومقلقة لراحتنا أكثر فأكثر ..
كنَا في أيامنا تلك .. نشتري بعض منتجات محمية الجامعة .. الموجودة في منطقة هدى الشام .. ومن ضمنها حليب البقر الطازج .. حين كنا نتلذذ به كثيراً .. بعد أن يتم غليه جيداً بالطبع .. وإذا لم تنتهي تلك الكمية التي تم غليها .. فأننا نحتفظ بالباقي منها في الثلاجة .. كي يتم غلي ذلك الحليب مرة أخرى .. وتناوله ساخناً ..
وفي إحدى المرات التي أحس فيها أحد أبنائي .. برغبته في شرب ذلك الحليب الذي سبق غليه .. والموضوع في الثلاجة .. حيث سكب لنفسه كوباً منه .. دون أن يتم غليه مرةً أخرى .. وتناوله متلذذاً به .. دون أن يدرك أن ما حدث له .. كان لن يحدث .. إذا ما عرض ذلك الحليب مرة أخرى .. لدرجة الغليان .. فحدث له حبيبي مالم يكن في الحسبان ..
نعم .. فبعد هذه الواقعة بيوم أو يومين .. أحس ابني بألم مزعج في صدره .. وتعب شديد في المفاصل .. وسخونة مستمرة لازمته .. وكنت قد بدأت فوراً على خفض حرارته .. قدر استطاعتي .. لكن ذلك الألم في عظامه وصدره لم يخف .. بل كان يزداد و يزداد .. حتى قال لي يومها .. أمي أحس قلبي يتحرك من مكانه .. حقيقةً خفت كثيراً من وصفه هذا .. مما اضطرنا للذهاب به سريعاً إلى المستشفى ..
وكان أقرب مستشفى فكرنا فيه .. هو مستشفى حي الجامعة الخاص .. دخلنا به سريعاً إلى الطبيب .. وهناك تمت له الفحوصات اللازمة .. وعلى عجلٍ واهتمام كبير .. وعلى قلقٍ منَا أكبر .. تُرى ما الذي حدث .. وماذا أصابه !! .. وبعد أن ظهرت نتيجة التحاليل والفحوصات سريعاً .. تم تشخيص ما به وعرف ماذا أصابه .. إنه أصيب بالحمى المالطية .. ولكن كيف أصيب بها .. وتساءلوا حينها من أين جاءته هذه العدوى !!
لم نتذكر حينها سبباً بعينه .. ولكن عندما تحدث معي الطبيب المختص مستفسراً .. وطارحاً عليَ بعض الأسئلة لمعرفة كيفية إصابته بها .. عرفت أن الاحتمال الأكبر أنها قد جاءته من شرب حليب البقر .. ذلك الذي كان محفوظاً في الثلاجة .. ويبدو أن الغليان الذي تعرض له الحليب .. لم يكن كافياً للقضاء على تلك البكتيريا اللعينة ..
وعليه .. فقد تقرر تنويم ولدي في العناية المركزة في ذلك المستشفى .. لكونه يبدو أن المسبب المرضي قد أصاب عضلة القلب .. وقد أصابنا جميعنا بالقلق على صحته .. وعندها أجريت اتصالاتي كي يتم نقله إلى مستشفى الحرس الوطني بجدة .. والذي لم يكن بالأمر السهل كي يتم سريعاً .. لذلك قضى ابني حبيبي بضعة أيام .. في العناية المركزة لذلك المستشفى الخاص .. كانت أيام كلها قلق وتوجس وخوف .. رغم أنه كان تحت المراقبة المستمرة لحالته .. ولقد عانى حبيبي كثيراً في المستشفى .. من التشخيص والفحوصات .. ومن الإبر والعلاجات .. ومن قلة الزيارات ..
لكن كرم الله دائماً كبير .. حين جاءتنا البشرى بوجود ذلك السرير .. في مستشفى الحرس الوطني .. وبالفعل تم تنويمه في ذلك المستشفى .. وهنا أحسست بالراحة رغم التعب .. والاطمئنان بعد النصب .. في الذهاب لتلك المستشفى .. وقد كان هناك تحت الملاحظة الشديدة .. والعناية المشددة .. لكون هذه البكتيريا اللعينة .. تفتك بالمريض كثيراً .. وتصيب الأعضاء المهمة في الجسد .. ونحمد الله على أن شافاه الله وعافاه .. ولم تطل مدة إقامته في تلك المستشفى البعيدة ..
حين تصيبنا الأزمات .. وتفتك بأحب الناس .. ويزداد الخطر .. ويحار الفكر .. يأتيك الفرج من رب الناس .. فهو سبحانه العالم بأحوالهم .. ومدى صبرهم وقدراتهم .. فيذهلنا كرمه وإحسانه .. وعطفه وحنانه .. سبحانك ربي ما أرحمك ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق