حبسة المغربية .. لا تنسى !!
في يوم لا يمكن نسيانه .. شاءت إرادة الله أن تقودني قدماي .. وأنا على ما أذكر ابنة السبع سنوات .. إلى منزل أحد الجيران .. والذي تسكن به صديقتي .. التي تكبرني بسنتين أو ثلاث .. لا أذكر تحديدًا .. ولكني أتذكر أنها كانت تشاركني نفس المدرسة .. مع إختلاف مرحلتنا الدراسية .. حيث أنني متقدمة عنها دراسياً .. لدخولي المدرسة مبكراً ..
لقد كان بيتهم يبعد عن بيتنا مسافة ليست بالبسيطة .. وهو يختلف كثيراً .. عن بيوتنا البسيطة في ذلك الزمان .. لقد وقفت أمام الباب الكبير لبيتهم .. حيث كان جزءاً منه مفتوحاً .. وقد رأيت بالداخل حديقة صغيرة .. لكنها مرتبة وجميلة .. وفي وسطها شجرة نارجين مثمرة .. وتحتها تنتظم مجموعة كراسي خشبية بسيطة .. تتوسطهم طاولة دائرية عليها إبريق من الشاي .. تحيط به كاسات شفافة .. انسيابية الشكل سهلة الحمل ..
عندما وقفت مشدوهةً أمام بيتهم .. رأتني صديقتي .. فمكثنا قليلاً نتحدث عند باب الدار .. ثم دعتني للدخول .. ووجدتها فرصة كي أتمعن في منزلهم عن قرب .. وبصورة أكثر فضولاً .. لذا فإنني لم أمانع .. وفي تلك الأثناء .. صدح صوت الآذان بدخول وقت صلاة المغرب .. فتذكرتُ أنني لابد أن أعود لمنزلنا .. لكون أمي تحذر علي من التأخير لما بعد الآذان .. ولكن هيهات هيهات .. فقد أغلق والد صديقتي باب المنزل الكبير بالمفتاح .. وطلب مني البقاء ..
كانت صديقتي تلك .. رغم دخولها المدرسة في سن متأخرة عني .. إلا إنها لا تحب الدراسة كثيراً .. وكان والدها حريصاً جداً على نجاحها .. لذا وجدها فرصة ممتازة .. أن يجمعنا سويةً .. أنا وابنته .. في غرفة واحدة .. وبالفعل تم ذلك .. بل وأقفل علينا بابها .. حيث طلب مني أن أقوم بتدريس ابنته .. كي تجتاز مرحلتها الدراسية بنجاح .. في الحقيقة وأنا في عمري ذاك .. لم أحسن ولن أحسن تدريس أحد .. لكني والله العظيم قد حاولت .. كي أستطيع الخروج والعودة لأمي ..
في هذه الأثناء .. يبدو أن أمي قد تملكها الخوف من تأخري كثيراً .. وبدأت تبحث عني في كل مكان .. وهي على علم بمنزل صديقتي البعيد .. وبأنني أحب اللعب في تلك الأنحاء .. وإذا بي وأنا في الغرفة المقفلة .. وفي محاولاتي تدريسي اليائسة .. أسمع صوت جرس الباب لمرات عديدة .. عندها أخذت أجهش بالبكاء الشديد .. طلباً للمساعدة .. وماهي إلا ثواني .. ويفتح علينا والد صديقتي .. باب الغرفة المقفلة .. ويخرجني لأمي والتي تملكها الغضب من ذلك .. في حين كان والد صديقتي وبحب الوالد الفطري المعروف .. يرى أن تصرفه صحيحاً .. حيث كان يريد لإبنته النجاح وحرصاً منه .. وبحسن نية متناهية .. رأى في ذلك مساعدة لإبنته .. عندما رأتني أمي أمسكت بيدي بقوة شديدة .. وفي عينيها وعيدٌ شديد .. وأخرجتني من منزلهم الكبير ذاك .. والذي أصبح يُمنع علي المرور من أمامه .. وأنا في سني الصغيرة تلك ..
وفي البيت .. نلت عقاب أمي القاسي .. لكونها قد تملكها القلق كثيراً .. وبدأت تبحث عني في كل مكان قريب .. تاركة المنزل بما فيه .. وكل همها أن تجدني سالمة .. رحم الله والدتي الحبيبة .. وجزاها الله عني خير الجزاء .. ورحم الله صديقتي .. ووالدها المحب الحريص .. رحمة واسعة .. وعوضهما الجنة ونعيمها ..
ماشالله روعه
ردحذفالروعة مروركم وتعليقكم الله يحفظكم .. دمتم بخير وسعادة 💐
حذف