5/13/2021

يا أيام عيدي .. ليتك تعودي

   


يا أيام عيدي .. ليتك تعودي




كثيراً ما يشدني الحنين لأيامنا في حي الرويس .. وخاصةً لحياتنا وعاداتنا انتظاراً للعيد .. واحتفالاً به وابتهاجاً بقدومه .. فقد كانت لنا عاداتٌ جميلة ومتميزة سواء على مستوى الأسرة .. أو على مستوى الحارة التي كنا نعيش فيها .. 



كان كل سكان حارتنا .. وكل حارات حي الرويس يحتفلون بالعيد روحياً ومعنوياً .. حسب الإمكانات المتاحة في ذلك الوقت .. وكل أسرة لها استعدادتها الخاصة بها .. حسب ميولها ورغباتها الشخصية .. والقدرة المالية والجسدية ..



لقد عشت العيد في بعض أعوامي الماضية .. في حي الرويس منذ كنت طفلة صغيرة .. حتى مغادرتنا لهذا الحي العريق .. وأنا في السنة الثالثة لي بجامعة المؤسس .. بمعنى أنها كانت فترة كافية جداً .. لرسوخ كل تفاصيل طقوس العيد .. في أعماق ذاكرتي .. وكانت مشاعري به .. وتفاعلي تجاهه متباينة .. حسب مرحلتي العمرية ..



فحين كنت طفلة صغيرة .. كانت تستهويني كثيراً فرحة العيد .. بإعلان قدومه بأهازيج معينة .. يطلقها شخصٌ قدير مردداً لها .. وهو يتجول بين منازل الحي الصغيرة والبسيطة .. كذلك لا زالت تتربع في عمق الذاكرة .. فرحتي بالعيديات التي كنا نحظى بها .. عند معايدتنا لبيوت الجيران .. وهي عبارة عن حلويات بسيطة .. تُعطى لنا بكل حب وفرحة طاغية .. وبكلمات مباركة جميلة .. لأقوم بحفظها في علبة خاصة محكمة الغطاء .. وأنا متباهيةٌ بما جمعت خلال أيام العيد الثلاثة ..



وبعد أن أصبحت أكبر عمراً.. زادت مهامي الإجتماعية للإحتفال بالعيد .. فبعد المعاونة الجادة لوالدتي يرحمها الله في تنظيف البيت وترتيبه وتبخيره .. فقد كنت أقوم بكنس جميع الشوارع التي حول منزلنا .. وكذلك كانت تفعل كل بنات المنازل المجاورة .. حيث نقوم بكنسها ليلاً .. حين تخف الحركة فيها .. وتعود الأسر لبيوتها .. وذلك لكي تكون جميع شوارع حارتنا نظيفة تماماً .. ابتهاجاً بقدوم العيد .. وحينها في عمري ذاك .. أصبحت لا أجمع العيديات كما كنت في السابق .. ولكني كنت أنتظر من يزورنا من أطفال الحي .. لأقوم بمنحهم حلاوة العيد بكل حب وسعادة .. ومشاركتهم فرحتهم بملابسهم الجديدة .. أما في ليالي العيد الجميلة .. فقد كنت أمارس المرجحة على مراجيح الحارة الخشبية الجميلة .. بمهارة فائقة جداً  وحبٍ شديد لا حد له ..   



أما في سنوات الشباب .. وحيث لا زلنا نسكن في حي الرويس ..أصبحت فرحتي بالعيد تتمثل في الزيارات المسائية لبنات الجيران .. والمسامرة الليلية على الحكايات الجميلة .. وقد نختطف أنفسنا جميعنا فجأةً .. لنذهب خلسةً إلى تلك المراجيح الخشبية .. حيث يتركها صاحبها مفتوحةً نوعاً ما .. وكأنه يريد لنا جلب الذكريات الجميلة .. وممارسة الهوايات الأجمل .. وعندها فنحن لا نتردد في تبادل الصعود عليها .. وممارسة التحليق عالياً في مراجيحه المميزة .. ببناءها القوي ومكانها الساتر .. ومن ثم تتناثر ضحكاتنا .. في هجعة ذلك الليل الجميل .. وبعد أن نشبع رغبتنا تلك .. نعيد لف حبالها جيداً .. وكأن شيئاً لم يكن .. ونتفرق جميعنا حيث تذهب كلاً منا لمنزل أسرتها سعيدة مبتهجة .. 



لقد مضى بنا العمر متنقلاً في مراحل عديدة ومتباينة .. نعم متباينة مشقة وجمالا .. ومتميزة محبة ووصالا .. وراسخة في الأذهان أياماً وليالي طوالا .. ولكن تظل مراحل الصغر والمراهقة والشباب .. هي الأكثر دفئاً روحياً .. وارتباطاً فكرياً .. وحنيناً دائماً وأبدياً .. 


هناك 3 تعليقات:

  1. Really I like it, we all lived that acres which was golden age

    ردحذف
  2. ومضات رائعة بروعتك ... فعلا ليتها تعود كما كانت بأماكنها وناسها اللي فقدناهم ولكن صبرا فملتقانا بهم جنات عدن على سرر متقابلين بحول الله وقوته..

    ردحذف

ومضات .. تؤرخ مسيرة !!

  ومضات .. تؤرخ مسيرة !!     حين كانت ساعة ذلك القرار .. القرار الذي اتخذته عن اقتناع .. والذي قد يكون تفاجأ به الجميع من الزميلات .. ألا وه...